فيطرب سامعيه حين يتلى      شعور الفكر في الأشعار يجلى
ومنه الحكمة العلياء تملى      ويصدع بالحقيقة إن تبدى
ويحمد إن بصدق قد تحلى      ويرضاه جميع الناس رأيا
وأسبح في بحور الشعر ليلا      أجول بفكرتي بين القوافي
وآخذ ما حلا أو كان جزلا      وأدخل كل روض للمعاني
أرود فأرتوي نهلا وعلا      وأكرع في حياض السحر شعرا
شعورا حرك الإحساس فعلا      فجاش الفكر منى مستفيضا
رقيقا رنح الأعطاف ميلا      فجئت بما ترى شعرا فصيحا
فهذا فاق ممتنعا وسهلا      وقيل الشعر ممتنع وسهل
خيالا بالبلاغة قد تجلى      تراءت لي الحقائق من بعيد
وسوء الخلق قدحهم المعلى      أرى خلق الشباب قد اضمحلا
فجاؤوا بالغواية ليس إلا      قد ألقوا في المخازي كل دلو
وقتلوا ينبغي أن نستقلا      وراشوا في التشدق كل سهم
وجروا من رداء الفسق ذيلا      وجالوا في ميادين الملاهي
مزخرفة وصقل الوجه صقلا      يظنون التمدن في ثياب
وتاهوا يشبهون الغيد شكلا      أقاموا للخنا أسواق بغي
غدوا عبءا على الآباء كلا      وشأنهم البطالة كالغواني
وقالوا إننا أرقى محلا      وقد نسبوا سواهم لانحطاط
وقد أكلوا لحوم الناس أكلا      وقد سلوا على الأعراض سيفا
تنم بأن في الأحلام جهلا      علت منهم أنوف شامخات
ولست أرى وؤاء القول فعلا      قد انتحلوا شعار المجد قولا
بعزم لو شجاه ما تولى      فما لي لا أرى فيهم مجدا
إذا لم تقتحم خطرا وهولا      ولست ببالغ أوج المعالي
ولا سلكوا سبيل الرشد أصلا      وما اهتموا بعلم أو دروس
وقالوا إن ترك الدين أولى      وقد نبذوا الديانة من وراء
سباب لا يحل ولن يحلا      ويكفيهم إذا راموا انتقادا
فهلا استمسكوا بالصمت هلا      وتلك سجية الجبناء فيهم
لذلك يحسبون الجد هزلا      وليس لهم عقول راجحات
ويصعب عندهم ما كان سهلا      فيستعصي عليهم كل شأن
فياتون الوغى رجلا وعزلا      وتراهم يبتغون النصر عفوا
تراه إذا التقى الجمعان ولى      وما يغني التشجع في غرير
وأنى يستطيع الغمر قولا      ولو شاؤوا المقال لما استطاعوا
سخيف اللفظ والمعنى مملا      ولكن ربما يبدي كلاما
وترشقه أولو الألباب نبلا      فتنفر سائر الأسماع منه
كلام العصر في التبيان أعلى      :وزعنفة من البلداء قالت
يناضل بالركاكة مستدلا      ومن حسب البلاغة في أوربا
بليغ محكم فصلا ووصلا      فإن تدعوا المجال لذي كلام
فعنده نرتضي حكما وفصلا      "وإلا بيننأ حكما "شعيب
عن الحق المبين ولن يضلا      فما يلفى لديه من ازورار
وقاض في الفصاحة لن يزلا      إمام السنة الغراء ندب
له خلق من السلسال أحلى      ألا فانظر تجد شهما هماما
وما عرف الجفا حاشا وكلا      تراه مستنير الوجه طلقا
وخاض عبابها بالعزم كهلا      لقد خطب المعالي وهو طفل
فجاء وطرفه في السبق جلى      تسابق في المعارف مع سواه
يكاد لجهله أن يضمحلا      تبدى مفردا علما بقطر
وأمطره رذاذا ثم وبلا      "فأحياه بغيث من "حديث
علينا غصنها غضا تدلى      فأنبت زهرة الإصلاح فينا
من "الذكر الحكيم" إذا استهلا      أفاض على النهى نورا مبينا
وآراء فما أرقى واغلى      جواهر "لفظه" لمعت بمعنى
ومفتاح العلوم وكل جلى      منار للمشكلات إذا ادلهمت
غدوا جهلاءها كلا وجلا      أساس للبلاغة" بين قوم"
إلى من فاق معرفة وفضلا      فتلك عواطف الإخلاص مني
لشيخ بالمهابة قد تحلى      أقدمها وإني في حياء
ولكن في الوداد المحض أعلى      وإني أقصر الشعراء باعا
فإن لدى يراع الهجو قولا      غواة العصر كفوا عن أذاكم
فأنبئكم بما سترون فعلا      فإن لم تقلعوا عن شر خبث
جرازا يبتل الهذيان بتلا      شهرت على قفا اللؤماء عضبا
بحد لا يفل ولن يفلا      ويدفع عن جميع الناس شرا
ويسقيه نقيع السم علا      يجندل كل وغد مستطيل
وتلقوا بين هذا الخلق ذلا      إلى أن توخذوا طوعا وكرها
ويخفت صوتكم رغما وخذلا      وتخضد شوكة باللؤم طالت
يزيل من الحجى زيغا وجهلا      فإني ذو لسان من حديد