إذ لهم في النزوق أوفى نصيب      إن سهم الشباب غير مصيب
واضطراب وحيرة ورسوب      لا يزالون في ارتباك شديد
وهداهم تشبثا بالغريب      أعرضوا عن أقوامهم ولغاهم
بكلام عجم ملتو الأسلوب      وهم في تبجح وافتخار
معجب معجز برأي أريب      وكأن قد أتوا بفتح مبين
غافرا ماحيا ﻹثم الذنوب      أو كأن قد نالوا ثوابا وأجرا
زلل الكفر والضلال المريب      يا شبابا زلت به قدم في
وفخارا يعلي مقام الأريب      فرأى في نهج التفرنس هديا
قد رضعنا بيانه كالحليب      حال ما بيننا وبين لسان
في ظلام الدجى خفى الدروب      زانه قرآن مبين منير
جامع من بين الهدى والقلوب      وهو حصن لكل خلق نبيل
من دياجي جهل على المستريب      نوره يجلو ما اختفى بستار
ـهى جمال يرى وسر عجيب      تتجلى به الحقائق في أبـ
ـجد دوما مناوئ للعيوب      تستقيم الأخلاق في قفوه بالـ
رائع في التنسيق و في الترتيب      تتحلى الألباب منه بنظم
لا يرى له فيهما من ضريب      فلديه حلاوة وانسجام
وقراط تزين عقل اللبيب      وهو في أذن المهتدين شنوف
وحلا شربه لكل شريب      قد صفا منه مشرب وهو عذب
وسقونا من آسن ومشوب      كم أرادوا تحليئنا عنه ختلا
ونراه بعين وجه قطوب      علنا عنه ننزوي بانصراف
في عروق تغنى به عن طبيب      إذ يرون الحياة تنبض منه
ى قرار إلا بشك مريب      ودروا أن لا بستقر بهم أ
ن أشاحوا وجها عن كنه التعريب      فاستعدوا لطمسه بين شبا
فأزلوا عن كوثر من حليب      وارتضوا عجمة تلوك لسانا
من شنار يفيض تحت اللهيب      فاستقوا من قار غلا فوق نار
ثم تصدوا للدين بالتخريب      واستحلوا خمر التفرنج دأبا
إذ رأوه قد جل عن التكذيب      أوسعوه سبا وقذفا بجهل
نقفو إثره في معرض التعريب      ولنا في الدخيل خير سبيل
تركها إن جفت بدون لغوب      نحت الألفاظ بتغييرها أو
غير منسوخة ألدليل اللتوب      ولنا في القسطاس آية عدل
ليس يمحى برهانه بسكوب      ولكم فيه من دليل قوي
ثم انصهار في بوثق التهذيب      إنما محور اللغات انفعال
يرتقي سلم البيان العجيب      هذه سنة لكل لسان
ليب وضوح في معرض التركيب      إنما ينبغي أن تقتفى أسا
صاف وخال من هجانة التغريب      لكى يسير البيان في منهج
وليوق تصديا لغريب      وليجنب تقحما لركيك
كان أصفى من الزلال الشريب      فإذا سار في سبيل اختيار
وانسجام في التأليف والترتيب      تستبي منه نغمة في سماع
كان ذا أحرى بسجدة التعجيب      وإذا كان قاطعا في احتجاح
بين أهليها دمروا بالكروب      وإذا أهمل القيام عليها
كأس ذل بالخذل بين الشعوب      واضمحلوا حسا ومعنى وذاقوا
في غطيط وجرحهم في دبوب      واستناموا إلى التدهور دوما